أ.
تعريف التخريج وشرحه
تعريفه في اللغة: الفعل
"خرج" على وزن فعل بفتحات ثلاث هو فِعْلٌ قاصر قياس مصدره
"الفعول" فيقال الخروج وهو نقيض الدخول.ومادة الكلمة "خ-ر-ج"
تدور في معناها على الظهور والبروز.[1]
ويقال: خرجت خوارج فلان: إذا ظهرت
نجابته وتوجه لأبرام الأمور وأحكامها.[2]
وخرجت السماء خروجا: إذا أصحت بعد إغامتها.[3]
وأما فعله الرباعي "خرّج"
على وزن "فعّل" بتشديد العين المفتوحة صحيح غير معتل، ومصدره
"تخريج" على وزن "تفعيل".
قال د. محمود الطحان: أن التخريج في أصل
اللغة هو اجتماع أمرين متضادين في شيئ واحد.[4]
وقال د. توفيق أحمد سالمان أن
التخريج يطلق في اللغة على عدّة معان أشهرها:[5]
أ) الاستنباط: قال صاحب القاموس: والاستخراج
والاختراج: الاستنتاط.[6]
ب) التّدريب:
يقال خرجه في العلم وهو خريجه بمعنى درّبه وعلّمه.[7]
ت) التّوجيه:
تقول "خرّج المسألة" أي وجّهها،أوبيّن لها وجهاً.
والمخرج هو موضع الخروج مثل قول الإمام
الخطّابي (ت388م) في تعريف الحديث الحسن "هو ما عُرِف مخرجه" معناه موضع
خروجه، وهم رواة إسناده الذين خرّج الحديث من طريقهم أي عُرِف ظهر للناس ولولاهم
لم يعرف.
ومنه قول أهل الحديث عن حديث ما: "خرّجه
النسائي" بمعنى إخراجه أي إبرازه للناس وأظهره لهم ببيان مخرجه أى رجال إسناده
الذين خرج الحديث من طريقهم. وهذا أصل اشتقاق المحدثين لكلمة "التخريج" أي
إظهار مخرج الحديث.[8]
تعريفه في الاصطلاح:
أما تعريف التخريج عند المحديثبن فيطلق
على عدة معان:[9]
أ.
يطلق على أنه
مرادف ل-الإخراج ومعناه: إظهار الحديث للناس وإبرازه لهم بعد أن كان في بطون الكتب
وذلك بذكر مخرجه أي رواته الذين خرج الحديث من طريقهم، ومنه قولهم "هذا
الحديث أخرجه مسلم أوخرّجه مسلم ومعناه رواه بسنده وذكر مخرجه في كتابه الصحيح
مثلاً.
ب.
إخراج الأحاديث
من الكتب وذكر الأسانيد لها من غير الطريق الذي أتت به عن الشيخ : وذلك ما يسمّى في
علم مصطلح الحديث بالمستخرجات ومن أمثلة ذلك ما فعله الحافظ أبوعوانة في صحيح مسلم
فقد ألّف كتابا: المستخرج على صحيح مسلم.
وعلى
هذا فالتخريج أو الاستخراج هو: إيراد المؤلف أحاديث كتاب ما بأسانيد لنفسه يلتقي
مع مؤلف الأصل في شيخه أو من فوقه.[10]
ج.
ويطلق التخريج
على معنى الدلالة: أي الدلالة على مصادر الحديث الأصلية وعزوه إليها، وهذا الإطلاق
الأخير هو أشهرها عند المحدثين. وكثر استعمال هذا اللفظ فيه لاسيما في القرون
المتأخرة، بعد ان بدأ العلماء بتخريج الأحاديث المبثوثة في بطون بعض الكتب لحاجة
الناس إلى ذلك.
ومن هذا كله يتبين لنا أن التخريج في
اصطلاح المحدثين هو "الدلالة على موضع الحديث في مصادره الأصلية[11]
التي أخرجته بسنده. ثم بيان مرتبته عند الحاجة".[12]
وعرّفه أبو محمد عبد المهدي بن عبد
القادر بن عبد الهادي: هو عزْو الأحاديثإلى من أخرجها من أئمة الحديث في كتابه مع
الحكم عليها.[13] وهذا
التعريف يختلف بما سبق لأنه يذكر التزام بيان رتبة الحديث من الصّحة والضعف وغيرها،
لذلك كان بيان المرتبة شيئا أساسيّا في التّخريج بخلاف ماإذا اعتمدنا بالتعريف
السابق فليس بيان حكم الحديث شيئا أساسيا وإنما هو أمر متمم يؤتى به عند الحاجة إليه.[14]
[1] كما شرحه د. توفيق أحمد سالمان في نظرات في علم التخريج نقلا عن المعجم
الوسيط. د. توفيق احمد سالمان،نظرات في علم التخريج
(الرياض: مكتبة الرشد، 1428هـ - 2007م)، ص 15.
[2]محمد
بن مكرم بن على، أبو الفضل، جمال الدين ابن منظور الأنصاري الرويفعى الإفريقى، لسان
العرب (2/ 250)
[3]ابن
منظور ، لسان العرب (2/ 251)
[4]د.
محمود الطحان ،أصول التخراديج ودراسته الأسانيد (الرياض: مكتبة
المعارف للنشر والتوزيع، 1417هـ - 1996م)، ص 9.
[5]د.
توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج. مصدر سابق. وانظر أيضا: أصول
التخريج ودراسته الأسانيد للدكتور محمود الطحان.
[6]إبراهيم
مصطفىـى أحمد الزيات حامد عبد القادرـ محمد النجار،المعجم الوسيط،
(دار الدعوة، 1425 هـ -2004م)،ج 2 ، ص 224.
[7]محمد
النجار،المعجم الوسيط، ص224.
[8]د.
محمود الطحان، أصول التخريج ودراسة
الأسانيد، ص 10.
[9]د.
توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج.
[10]د.
أبو محمد عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي، طرق تخريج حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم (دار الاعتصام. ص 10. قرّن بأصول التخريج ودرسة
الأسانيد للدكتور محمود الطحان، ص 9.
[11]والمراد
بمصادر الحديث الأصلية ما يلي:
-
كتب السنة
التي جمعها مؤلفوها عن طريق التلقي عن شيوخهم بأسانيد إلى النبي صلى الله عليه
وسلم كـ - الكتب السته.
-
كتب السنة
التابعة للكتب المذكورة ؛ وهي تشتمل على المصنفات التي جمعت بين عدد من كتب السن
ةالسابقة كـ - الجمع بين الصحيحين، والمصنفات التي جمعت أطراف بعض الكتب كـ - تحفة الأشراف بمعرفة
الأطراف للمزي، والمصنفات المختصرة من كتب السنة كـ - تهذيب سنن أبي داود للمنذري.
-
المصنفات في
الفنون الأخرى كالتفسير والفقه والتاريخ التي تستشهد بالأحاديث بشرط أن يرويها
مصنفوها بأسانيدها استقلالا. أي أن لا يأخذها من مصنفات أخرى قبله مثل تفسير
الطبري وتاريخه، وكتاب الأم للشافعي. انظر: أصول التخريج ودراسة الأسانيد،
ص 10-11. و أصول التخريج ودراسة الأسانيد الميسرة، ص 6.
[12]د.
محمود الطحان ،أصول التخريج ودراسة الأسانيد، ص 10.
[13]د.
أبو محمد عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي، طرق تخريج حديث رسول الله
صلى الله عليه وسلم،ص 10.
[14]واستعمل
"التخريج" في الفنون الأخرى، كالفقه وأصوله والنحو. ولفظ التخريج في
اصطلاح الفقهاء بمعنى تخريج الأصول من الفروع وبمعنى تخريج الفروع على الأصول.
وأما التخريج في اصطلاح الأصوليين بمعنى تعيين العلة بمجرد إبداء المناسبة، وهذا
مايراد بقولهم "تخريج المناط". فالنحاة يطلقون التخريج على ما يوردونه
لتأييد إشكال أو دفعه، وأما لفظ الخرزج عمد النحاة فهو يعني: النصب على
المفعولية". انظر: التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل
، لبكر بن عبد الله أبو زيد، ص 63-64.
No comments:
Post a Comment