Friday, December 14, 2012

تاريخ التخريج (نشأته وتطوره)


تاريخ التخريج (نشأته وتطوره)
وفي هذا المبحث سنتكلم عن تاريخ علم التخريج، وقد قسّمه د. عماد علي جمعة إلى خمسة مراحل منذ نشأته وتطوره حتى عصرنا الآن:[1]
الأول- منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم حتى القرن الرابع من الهجري. في هذه المرحلة  لم يكن الصحابة والتابعون ومن تبعهم من العلماء والباحثين في القديم بحاجة إلى هذا العلم وهو علم تخريج الحديث. وذلك لأن الحديث لم يدوّن منه في البداية إلا القليل ولما دوّن لاحقا كان اطلاعهم وحفظهم للأحاديث بأسانيدها ومتونها واسعا على مصادر السنّة المشرفة، كل ذلك لم يجعلهم في حاجة ماسّة إلى مثل هذا العلم.

وكانوا عندما يحتاجون للاستشهاد بحديث "ما" تسعفهم ذاكراتهم بلفظه وأسانيده أو على الأقل يتذكرون موضعه في كتب السنة ويعرفون مظانه في تلك الكتب على تنوها واختلاف مناهجها. ومثلهم في ذلك مثل حفظة القرآن الكريم، فحينما نسأل واحدا منهم عن آية من كتاب الله عزّ وجلّأين مكانهافي المصحف وفي أيّ سورة هي؟ أجاب دون تردّد ودلّ على المطلوب بل قد يحفظ رقم الآية من بين آيات السّورة أو على الأقل فإنه لم تسعفه ذاكرته في استحضارها، فسوف يستخرجها من مكانها في سورةها دون عناء أو تعب بمجرد فتح المصحف الشريف وتقليب صفحاته.
الثاني- وهو أواسط القرن الخامس من الهجري. وبمرور الزمان، ضاق اطلاع كثير من العلماء والباحثين على كتب السنة ومصادرها الأصلية. فصعب عليهم حينئذ معرفة مواضع الأحاديث التي استشهد بها المصنفون في العلوم الشرعية وغيرها- كالفقه والتفسيروالطب- فنهض بعض العلماء وشمروا عن ساعد الجد، فخرّجوا أحاديثبعض الكتب المصنفة في غير الحديث، وعزّوا تلك الأحاديثإلى مصادرها من كتب السنة الأصول وذكروا طرقها، وتكلموا على بعضها أو كلها بالتصحيح والتضعيف حسب ما يقتضيه المقام. فبدأت مصنفات التخريج بالظهور في هذه المرحلة الثانية. وكان من أوائل ما ظهر من تلك الكتب، كتب الخطيب البغدادي (ت 463هـ).[2]
الثالث- ما زالت تتوالىإلى يومنا هذا كتب التخريج حتى شاعت وكثرت وبذلك قدم علماء الحديث خدمة كبيرة لتلك الكتب التي خرّجوا أحاديثها. وبالتالي قدّموا خدمة جليلة مشكورة للسنة النبوية المطهرة، وسدّوا بعلمهم هذا ثعرة كبيرة في صرح المصنفات في العلوم الشرعية، ولعلنا نحن اليوم كثيرا في الاهتداء إلى مصادر تلك الأحاديث الكثيرة.[3]
الرابع- في هذا العصر ظهرت نقلة نوعية في فن التخريج، حيث ظهر التخريج بواسطة الحاسوب، وما تزال هذه البرامج تتطور وتتنوع وهي كثيرة أشهرها:
-      موسوعة الحديث الشريف، شركة صخر لبرامج الحاسب الآلي.
-      الموسوعة الذهبية، مركز التراث لأبحاث الحاسب الآلي.
-      موسوعة مكتبة الحديث الشريف، شركه الأريس في لبنان
الخامس- تشير هذه المرحلة بظهور المصنفات توضح القواعد والأصول التي تبين أصول التخريج وطرقه، ويعدّ علم تخريج الحديث من العلوم الحديثة. فإن أول من أفرد هذا العلم بمصنف هو الغلامة الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري المتوفى عام 1380هـ في كتابه "حصول التفريج بأصول التخريج".[4]
ثم توالت المصنفات في هذا الفن وهذه قائمة بأهمّ المطبوع منها:
1.   أصول التخريج ودراسته الأسانيد للكتور محمود أحمد الطحّان طبع في سنة 1398هـ.
2.   كشف اللثام عن أسرار تخريج حديث سيّد الأنام للدكتور عبد الموجود محمد عبد اللطيف ، نشرفي مصر سنة 1985هـ.
3.   التأصيل لأصول التخريج وقواعد الجرح والتعديل للدكتور بكر بن عبد الله أبو زيد، نشر في الرياض سنة 1413هـ.
4.   علم تخريج الأحاديث أصوله، طرائقه، مناهجه؛ للدكتور محمود بكار، نشر سنة 1418هـ.
5.   كيف ندرس علم تخريج الحديث، للدكتور حمزة عبد الله المليباري وسلطان العكايلية، طبع سنة 1419هـ.
6.    وغيرها.



[1]د. عماد علي جمعة ، أصول التخريج ودراسة الأسانيد الميسرة، (الرياض: دار المسلم، 1425هـ - 2004م) ص 5.
[2]د. محمود الطحان ، أصول التخريج ودراسة الأسانيد، ص 14.
[3]ثم توالت كتب التخريج لأحاديث وردت في مصنفات عدة نذكر منها على سبيل المثال:
كتب التخريج الواردة في التفسير: كـ - تخريج أحاديث الكشاف للحافظ جمال الدين الزيلعي، والكاف الشاف في تخريج أحاديث الكشاف للحافظ ابن حجر العسقلاني، وتخريج أحاديث وآثار في ظلال القران للشيخ قطب خرج أحاديثه علي السقاف، وهداية المكتفى في تخريج أحاديث النسفي للشيخ عبد العزيز الغماري.
كتب التخريج الواردة في الحديث: كـ -الحاوي في بيان آثار الطحاوي لابن حجر العسقلاني، ونتائج الأفكار في تخريج أحاديث الأذكار النووي لابن حجر العسقلاني أيضا، ومناهل الصفا في تخريج أحاديث الشفا للسيوطي.
كتب التخريج الواردة في التوحيد: كـ - كتاب فرائد القلائد في تخريج أحاديث شرح العقائد النسيفة لـ- علي القاري، تخريج شرح العقائد النسيفة للسيوطي.
كتب التخريج الواردة في الأصول: كـ -تحفة المحتاج لابن الملقن وهو تخريج لأحاديث المنهاج للبيضاوي، والابتهاج في تخريجة أحاديث المنهاج للشيخ عبد الله الصديق الغماري، وتخريج أحاديث المستصفى من علم الأصول للغزالي والتخريج لبشير صبحي بشير.
كتب التخريج الواردة في الفقه: كـ - نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية للزيلعي، و الدراية في تخريج أحاديث الهداية لابن حجر العسقلاني، وتذكرة الأخبار بما من الوسيط من الأخبار لابن الملقن، والمذهب الإبريز في تخريج أحاديث فتح العزيز للزركشي، والتحقيق في أحاديث التعليق في فقه الحنابلة لابن الجوزي، وتنقيح التحقيق لمحمد بن أحمد المقدسي المعروف بابن عبد الهادي.
كتب التخريج الواردة في التصوف والأخلاق: كـ - المغني عن حمل الأسفار في الأسفار في تخريج ما في الإحياءمن أخبار للعراقي، و تخريج الأحاديث الواقعة في التحفة الوردية لابن الوردي والتخريج لعبد القادر البغدادي، وإدراك الحقيقة في تخريج أحاديث الطريقة للبركوي والتخريج لعلي بن حسن المصري، وغاية المرام في تخريج أحاديث الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوي والتخريج لمحمد ناصر الدين الالباني.
كتب التخريج الواردة في اللغة والنحو: كـ - فالق الإصباح في تخريج أحاديث الصحاح للجوهري والتخريج للسيوطي، وتخريج الأحاديث والآثار التي وردت في شرح الكافية في النحو لعبد القادر البغدادي.
[4]د. أحمد بن عايش بن عبد اللطيف البدر، مبادئ التخريج ودراسة الأسانيد، (الرياض: مكتبة الرشد، 1427هـ - 2006م ) ص 41.

1 comment:

  1. شكرا علي المقالة... أستأن علي الأخد البحث منها.....

    ReplyDelete