Friday, December 14, 2012

الطريقة الرابعة: التخريج عن طريق معرفة موضوع الحديث


الطريقة الرابعة: التخريج عن طريق معرفة موضوع الحديث
يتبيّن من عنوان هذه الطريقة أنها تعتمد اعتمادا كليًّا على معرفة موضوع الحديث، لذا فإن الباحث عن تخريج الحديث بهذه الطريقة مطالب بأن يتأمّل حديثه الذي معه وينظر فيه ليستشف منه موضوعه الأساسي أو موضوعاته المتعددة إذا كان الحديث يشتمل على أكثر من موضوع.
ويلجأ الباحث لهذه الطريقة في تخريج الحديث إذا حدّد موضوع الحديث،أي فقهه الذي يبحث فيه. وقد يكون الحديث له أكثر من موضوع فليبحث عنه في كل موضوعاته. فمثلا حديث "بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت لمن استطاع إليه سبيلا". هذا الحديث يُوضع في كتاب الإيمان وفي كتاب التوحيد وفي كتاب الصلاة وفي كتاب الزكاة وفي كتاب الصوم وفي كتاب الحج لتناوله كل هذه الموضوعات. فعلى الباحث أن تبحث عنه في كلّ هذه الموضوعات فربما اقتصرعلى بعضها ووضع المؤلّف في غيره.
وواضح أنّ التخريج بهذه الطريقة يعتمد على معرفة الباحث موضوع الحديث فإذا لم يعرفْه فإنه لايمكنه أن يخرجه بهذه الطّريقة.
وتمتاز هذه الطريقة بما يلي:
‌أ.         أنها لا يحتاج إلى مفاتيح من الكتب تعين الباحث في الوصول إلى حديثه بل يكفي الحديث فقط بدون شيء زائد عليه.[1]
‌ب.     توفر الوقت على الحديث وكذا الجهد، فلا تجعله يبحث في كتب المفاتيح لكي ترشده إلى مواطن الحديث مثلا.
‌ج.      تربي في الباحث ملكة فقه الحديث فمن كثرة استعمالها وممارسة تخريج الحديث عن هذه الطريقة يصبح الباحث ذاقدرة فقهية على معرفة فقه الحديث.
‌د.        هذه الطريقة توقف الباحث على حديثه والأحاديث التي في موضوعه مما ينشطه في البحث ويساعده في تدقيق المسألة.[2]
ومما يؤخذ على هذه الطريقة من عيوب مايلي:
‌أ.           إن معنى الحديث قد لا يصل إليه الباحث فليس كل باحث عنده الذوق الفقهي الذي يوصله إلى تحديد موصوع حديثه، لذا فلا يمكنه تخريج حديثه بهذه الطريقة إن كان كما ذكرنا.
‌ب.     إن رأي  الباحث في موضوع الحديث قد لايتفق مع رأي المؤلف المصنف، فقد يضعه المصنف في كتاب لا يتوقع الباحث وضعه فيه.[3]
وأما الكتب التي يخرج بها الحديث في هذه الطريقة متعدّدة، وكثرت كثرة واضحة،إذْأنّ معظم كتب السنة مرتبة على حسب الموضوعات الفقهية للأحاديث. ورأى الدكتور محمود الطحان إلىأن الكتب المساعدة في هذه الطريقة تنقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي:[4]
القسم الأول: المصنفات  التي شملت أبوابها وموضوعاتها جميع أبواب الدين وهي أنواع. وأشهرها:
-              الجوامع[5]
-              المستخرجات[6]
-              المستدركات[7]
-              المجاميع[8]
-              الزوائد[9]
-              مفتاح كنوز السنة[10]

القسم الثاني: المصنفات التي شملت أبوابها وموضوعها أكثرأبواب الدين وهي أنواع، وأشهرها:
-      السنن[11]
-      المصنفات[12]
-      الموطآت[13]
-      المستخرجات على السنن[14]

القسم الثالث: المصنفاتالمختصة بباب من أبواب الدين أو جانب من جوانبه. وهي أنواع كثيرة وأشهرها:
-      الأجزاء[15]
-      الترغيب والترهيب[16]
-      الزهد والفضائل والآدب والأخلاق[17]
-      الأحكام[18]
-      موضوعات خاصة[19]
-  كتب الفنون الأخرى[20]
-  كتب التخريج والشروح الحديثية والتعليقات عليها.



[1]هذه الطريقة لا تحتاج إلى معرفة الراوي الأعلى ولا تحتاج إلى التأكد من أول لفظ من متن الحديث ولا تحتاج إلى معرفة الكلمات الغريبة كما في الطرق السابقة.
[2]د. توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج، ص 134-135. وانظر أيضا: طرق تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأبي محمد عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي، ص151-152.
[3]مصدر سابق.
[4]د. محمود أحمد الطحان، أصول التخريج ودراسة الأسانيد، ص 95-96.
[5]الجوامع جمع "جامع"، والجامع عند المحدثين هو ما يوجد به من الحديث جميع الأنواع المحتاج إليها من العقائد والأحكام والرقاق وآداب الأكل والشرب والسفر والمقام، والتفسير، والتاريخ والسير والفتن والمناقب والمثالب وغير ذلك. انظر: الرسالة المستطرفة للكتاني ص 42. وأشهر الجوامع هي: الجامع الصحيح للبخاري و الجامع الصحيح لمسلم وجامع عبد الرزاق وجامع الثوري وجامع ابن عيينة وجامع معمر وجامع الترمذي وغيرها.
[6]المستخرجات جمع ومفرده مستخرج، والمستخرج عند المحدثين هو أن يأتي المصنف المستخرج إلى كتاب من كتب الحديث، فيخرج أحاديثه باسانيد لنفسه من غير طريق صاحب الكتاب ، إلى أن يلتقي معه في شيخه أو من فوقه ولو في الصحابي، وشرطه أن لا يصل إلى شيخ أبعد حتى يفقد سندا يوصله إلى الأقرب إلا لِعذر من علو أو زيادة مهمة. انظر: تدريب الراوي للسيوطي ص 117. ومن المستخرجات هي: المستخرج على الصحيح البخاري مثل مستخرج لأبي بكر الإسماعيلي (371 هـ)، و مستخرج لأبي أحمد الغفريفي (377 هـ). مستخرج على الصحيح مسلم مثل مستخرج لأبي عوانة الإسفرييني (310 هـ) و مستخرج لأبي حامد الهروي (355 هـ). مستخرج على الصحيحين مثل مستخرج لأبي نعيم الأصبهاني (430 هـ) و مستخرج لأبي عبد الله بن الأخرم (344 هـ).
[7]المستدركات جمع "مستدرك" والمستدرك هو كلّ كتاب جمع فيه مؤلفه الأحاديث التي استدركها على كتاب آخر مما فاته على شرطه مثل المستدرك على الصحيحين لأبي عبد الله الحاكم (405 هـ).
[8]المجاميع جمع "مجمع"، وهو كل كتاب جمع فيه مؤلفه أحاديث عدّة مصنفات، ورتبه على ترتيب تلك المصنفات التي جمعها فيها، وعادة مع حذف الإسناد. انظر: طرق التخريج ودراسة الأسانيد لمحمود الطحان ص 103.  ومن أشهر كتب المجامع: الجمع بين الأصول الستة لأبي الحسن رزين بن معاوية الأندلسي (535 هـ)، وجامع الأصول من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الأثير الجزري (606 هـ)، والجمع بين الصحيحين للصاغاني الحسن بن محمد (650 هـ).
[9]الزوائد هي المصنفات التي يجمع فيها مؤلفها الأحاديث الزائدة في بعض الكتب عن الأحاديث الموجودة في كتب أخرى. مثل مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجه لأبي العباس أحمد بن محمد البوصيري (840 هـ)، وفوائد المنتقى في زوائد البيهقي للبوصيري أيضا.
[10]مفتاح كنوز السنة هو الكتاب يعتبر فهرسا حديثا مرتبا على الموضوعات. هو كتاب صنفه ورتبه المستشرق الهولند الدكتور أرند جان فنسنك (ت 1939م). وهذا الكتاب جعله مؤلفه فهرسا لأربعة عشر كتابا من مشاهير كتب السنّة واماتها ودليلا على ما في تلك الكتب من الأحاديث، وهذه الكتاب هي: الجامع الصحيح للبخاري و الجامع الصحيح لمسلم ، وسنن أبي داود، وسنن النسائي وجامع الترمذي و سنن ابن ماجه، وموطأ مالك، ومسند أحمد، ومسند أبو داود الطيالسي، وسنن الدارمي، مسند زيد بن علي، وسيرة ابن هشام، ومغازي الواقدي، وطبقات ابن سعد.
[11]السنن هي كتب حديث مرتبة على أبواب الفقه وتشتمل على الأحاديث المرفوعة فقط. وأشهرها سنن محمد بن إدريس الشافعي (204 هـ)، وسنن الدارمي (255 هـ)، وسنن ابن ماجه (273 هـ)، وسنن أبي داود (275 هـ)، سنن النسائي (303 هـ)، وغيرها.
[12]المصنفات جمع "مصنف"، والمصنف عند المحدثين هو المتاب المرتب على الأبوب الفقهية والمشتمل على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، يعني فيه الأحاديث النبوية وأقوال الصحابة وفتاوى التابعين وفتاوى أتباع التابعين أحيانا. انظر: أصول التخريج ودراسة الأسانيد، ص 118. ومن أشهر المصنفات هي: المصنف لابن أبي شيبة (235 هـ)، و المصنف لعبد الرزاق الصنعاني (211 هـ)، و المصنف لبقي بن مخلد القرطبي (276 هـ)، و المصنف لابن الجراح الكوفي (196 هـ)، وغيرها.
[13]الموطآت جمع موطأ وهو لغة المسهل، واصطلاحا هو الكتاب المرتب عبى الأبواب الفقهية، ويشتمل على الأحاديث المرفوعة والموقوفة والمقطوعة، ففيها أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتاوى الصحابة والتابعين وتابعيهم، فهو كالمصنف تماما و إن اختلفت التسمية. وأشهرها هي: الموطأ للامام مالك بن انس (179 هـ)، والموطأ لابن أبي ذئب محمد بن عبد الرحمن (185 هـ)، والموطأ لأبي محمد عبد الله بن محمد المروزي (293 هـ). مصدر سابق ص 119.
[14]المستخرجات على السنن، منها: مستخرج على سنن أبي داود لقاسم بن أصبغ و مستخرج على سنن أبي داود لأبي بكر بن منجويه الأصفهاني، مستخرج على سنن الترمذي للإمام الحسن بن علي بن نصر الخرساني الطوسي. انظر: نظرات في علم التخريج ص 141.
[15]الأجزاء جمع جزء والجزء هو كتاب حديثي حاول مؤلفها جمع الأحاديث المروية عن رجل واحد من الصحابة أو من بعدهم وقد يختارون موضوعا معينا يستقصون أحاديثه. ومنها جزء ما رواه أبو حنيفة عن الصحابة للأستاذ أبي معشر عبدالكريم بن عبد الصمد الطبري (178 هـ)، وجزء رفع اليدين في الصلاة وجزء القراءة خلف الإمام كلاهما للبخاري (256 هـ). د. عماد علي جمعة، أصول التخريج ودراسة الأسانيد الميسرة، ص 26.
[16]كتب الترغيب والترهيب هي كتب الحديث التي تجمع الأحاديث الواردة في الترغيب بأمر مطلوب أو الترهيب من أمر منهي عنه. وأشهرها الترغيب والترهيب لعمر بن شاهين (385 هـ)، والترغيب والترهيب لعبد العظيم المنذري (656 هـ). مصدر سابق.
[17]كتب الزهد والفضائل والآدب والأخلاق هي كتب حديث تتناول مواضع الزهد والفضائل والأخلاق، ومنها: كتاب الزهد لعبد الله بن المبارك (181 هـ)، وكتاب الذكر والدعاء ليعقوب بن إبراهيم الكوفي (182 هـ)، وكتاب فضائل القران للشافعي (204 هـ)، وكتاب ذم الدنيا لابن أبي الدنيا البغدادي (281 هـ)، وأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن محمد الأصبهاني (369 هـ)، وغيرها. مصدر سابق.
[18]والمراد بكتب الأحكام هي الكتب التي اشتملت على أحاديث الأحكام فقط وهي أحاديث منتقاة من أمهات كتب الحديث. وترتيبها على أبواب الفقه. وأشهرها الأحكام الكبرى لأبي محمد عبد الحق الإشبيلي (581 هـ)، و الأحكام الصغرى للاشبيلي (581 هـ)، والأحكام لعبد الغني بن عبد الواحد المقدسي (600 هـ)، وغيرها. مصدر سابق، ص 27.
[19]والمراد بكتب موضوعات خاصة هو كتب أفردت لأبواب خاصة بحث مؤلفوها موضوعا واحد فقط في كل كتاب أشبعوه من جميع جوانبه ونسروا في ثناياه عددا كبيرا من الأحاديث المتعلقة بذلك الموضوع. وأشهرها الفتن والملاحم لنعيم بن حماد المروزي (228 هـ)، والإخلاص لعبد الله بن إبي الدنيا (281 هـ)، والأسماء والصفات لأحمد بن الحسين البيهقي (458 هـ)، وغيرها. مصدر سابق.
[20]والمراد بكتب الفنون الأخرى هو كتب مصنفة في غير الحديث النبوي ككتب التفسير والفقه والتاريخ وغيرها ولكن ورد فيها كثير من الأحاديث، وهي موعان: الأول- مصنفات تروي الحديث بالسند أصالة لا أخذا من كتاب آخر، والثاني – مصنفات تورد الحديث مجردا عن السند ثم تذكر من أخرجه من أصحاب كتب الحديث. وأشهرها جامع البيان عن تأويل القران لمحمد بن جرير الطبري (310 هـ)، وتاريخه، المغني لابن القدامة (310هـ)، والمجموع عن شرح المهذب للنووي (676 هـ)، وغيرها. مصدر سابق.

No comments:

Post a Comment