Friday, December 14, 2012

الطريقة الأولى: التخريج عن طريق معرفة الراوي الأعلى للحديث


الطريقة الأولى: التخريج عن طريق معرفة الراوي الأعلى للحديث
والمقصود بالراوي الأعلى هو الراوى الذى اسمه في السند قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم مباشرة، وذلك الراوي قد يكون صحابياً إذا كان الحديث موصولاً، وهو الأكثر.وقد يكون تابعياً إذا كان الحديث مرسلاً، وهو الأقل.
متى نستعين بهذه الطريقة؟ ونلجأ لهذه الطريقة في تخريج الحديث حسب إذا كان اسم الرواي الأعلى مذكورا فيه. وإذا عرفنا اسم الراوي الأعلى، فنأتي إلى الكتب التى رُتِّبَت الأحاديث فيها على أسماء الصحابة فوُضِعَت فيها تحت كل صحابي أحاديثه، (وتحت كل تابعي مراسيلُه كما في تحفة الأشراف). أما إذا لم يكن مذكورا أو معروفا فلا نعتمد على هذه الطريقة،وإنما  نعتمد على طريقة أخرى.
وأما الكتب التي تستخدم في طريقة تخريج الحديث عن طريق راويه الأعلى فمتعدّدة، وفي الحصر تدخل تحت هذه الأنواع: كتب المسانيد، وكتب المعاجم، وكتب الأطراف.[1]
أولاً - كتب المسانيد:
المسانيد: هي جمع مسند[2] – بضمّ الميم، وفتح النون، وهو الكتاب الذي ذكرت فيه الأحاديث بأسانيدها مجموعة على أسماء رواتها من الصحابة،أو التابعين على حدّة من غير نظر إلى وحدة الموضوع. فإذا فرغ من حديث هذا الصحابي أخذ في حديث غيره حتى يتمّ الكتاب.
ويطلق المسند على الكتاب الذي جمع عددا من الأحاديث غيرها أنها ليست مرتّبة على الأسماء أوالحروف،وإنما  مرتبة على الأبواب الفقهية، وذلك لأنها مسندة ومرفوعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. مثل المسند للإمام عبد الله بن المبارك (ت181هـ)، ومسند بقيّ بن مخلد الأندلسي (ت 276 هـ) وغيره. [3]
وأما عدد المسانيد كثيرة جدا، فقد حصرها الأئمة في العدد فقالوا:بلغت المائة مسندا، ربما زادت وذكر عددها الحافظ الكتاني في كتابه الرسالة المستطرفة فعدّ منها اثنين وثمانين مسندا.[4] ومن أشهر المسانيد هي: مسند أحمد بن حنبل (241 ه)، مسند أبي بكر عبد الله بن الزبير الحميدي (219 هـ)، و مسند أبي داود الطيالسي (204 هـ)، ومسند أسد بن موسى الأموي (212 هـ)، ومسند مسدّد بن مسرهد الأسدي البصري (228 هـ)، ومسند نعيم بن حماد (228 هـ)، و مسند عبيد الله بن موسى العبسى (213 هـ)، وأبي خيثمة زهير بن حرب (234هـ)، ومسند عبد بن حميد (249 هـ).
وبالنسبة منهج تصنيف المسانيد، قد يكون المسند مرتّباً على نسق حروف المعجم بأن يبدأ بذكر اسم الراوي من اسمه أبي اللحم مثلا ثم يذكر أحاديثه، ثم يذكر من أوّل اسمه "باء" ثم "تاء" وهكذا حتى يصل إلى من أول اسمه "ياء". وقد يكون المسند مرتبا على السابقة في الإسلام،أو على أسماء القبائل أو البلدان أو غير ذلك لكن ترتيب المسانيد على الحروف هو الأسهل والأشهر.[5]
وللمسانيد خصائص التي تميزها عن كتب المتون الأخرى، نوجزها فيما يلي:
1.   مرتبة على الراوي الأعلى- الصحابي أو التابعي إذا كان الحديث مرسلا.
2.   الصحابة فيها مرتبون على نحوما فمن الأئمة من رتّب الصحابة على حروف الهجاء، ومنهم من رتبهم على حسب السابقة في الإسلام، ومنهم من رتبهم على الشرافة النسبية على القبائل.
3.   الأحاديث تحت الصحابي غير مرتبة فلم يرتبوها على أي نهج وإنما سردت سردا والسر في هذا ما تقدم من أنهم كانوا يكتبون للحفظ فقط.
4.   الأحاديث في هذه المسانيد غير متحدة الدرجة، فلم يشترط المؤلفون فيها اتحاد الدرجة  من صحة أو حسن أو ضعف،وإنما  جمعوا بين الصحيح والحسن والضعيف.
5.   لم يقصد فيها استيعاب الرواة،وإنما  بعضها اشتمل على عدد كبير من الصحابة ، وبعضها اشتمل على أصحاب صفة واحدة كمسند الملقين أو مسند العشرة المبشرين وبعضها  اشتمل على مسند صحابيّ واحد كمسند أبي بكر الصديق.[6]
ثانياً - كتب المعاجم:
المعاجم في اللغة: هي جمع مُعْجَم، وهو مأخوذ من "أعجم فلان الكتاب" أي نقّطه أي أزال عجمته بالنقط. ومنه حروف المعجم أي حروف الإعجام على أن المعجم مصدر ميمي كالمدخل، أي من شأنها أن تعجم. ويقال: "كتاب معجم" أي منقط.    
وأما في اصطلاح المحدثين: هو الكتاب الذي ترتب فيه الأحاديث على مسانيد الصحابة، أو الشيوخ، أو البلدان، أو غير ذلك. والغالب أن يكونوا مرتّبين على حروف المعجم، وهذا هو سبب تسميته بالمعجم. والذي يعيننا هنا المعاجم المرتبة على مسانيد الصحابة فقط.[7]
وعلى هذا ، فإن كتاب المعجم الذي تذكر فيه الأحاديث على أسماء الصحابة هو من نوع المسانيد – بالمعنى الأول – بفرق أن أسماء الصحابة في المسانيد ليست مرتبة على ترتيب معين. وأمثال هذه المعاجم هي التي تعنينا في هذه الطريقة.
زمثال كتب المعاجم المرتبة على أسماء الصحابة:
‌أ.       معجم الصحابة: لأبي يعلي بن علي الموصلي (ت307هـ). رتّب الإمام أبو يعلى المرويات علي مسانيد الصحابة، ورتب مرويات المكثرين منهم علي حسب الرواة عنهم في الغالب، عدد الصحابة الذين أخرج لهم 210 صحابياً، وعدد أحاديثــه 7555 حديثاً أغلبها من المرفوع.
‌ب. معجم الصحابة: لأبي الحسسين عبد الباقي بن قانع البغدادي (ت351هـ): يوجد مخطوطاً – إلا قدراً يسيراً منه-، يجري تحقيقه حالياً في جامعة أمّ القرى بمكة المكرمة، أخرج فيه عن كلّ صحابي بعض الأحاديث من مروياتهم.
‌ج.  المعجم الكبير: للطبراني أبي القاسم سليمان بن أحمد (ت360هـ) يقال: إنه أورد فيه ستين ألف حديث، وهو أكبر معاجم الدنيا، قدّم أحاديث الخلفاء الراشدين الأربعة، ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة، ثم رتب بقية الصحابة على حروف المعجم، ما عدا أحاديث أبي هريرة فإنه أفردها بتصنيف مستقل، وطبع من الكبير 20 جزءاً، ولا زالت الأجزاء: (13، 14، 15، 16، 21) مفقودة، وكذلك مسند أبي هريرة أيضاً مفقود.
‌د.     معجم الصحابة: لأبي بكر أحمد بن علي، المعروف بابن لآل، الهمداني (توفي بنواحي عكا بالشام 398هـ): قال ابن شهبة في تاريخه في هذا المعجم: "ما رأيت شيئاً أحسن منه"، لا أعرف عنه شيئاً.
ثالثاً - كتب الأطراف:
الأطراف هي جمع طَرَف، وهو: الناحية، والطائفة المجموعة من الشيء.[8]
وفي اصطلاح المحدثين: طرف الحديث: هو جزء الحديث الدال على بقيته ، سواء كان ذلك الجزء من ألفاظ الحديث مثل: "بني الإسلام على خمس000"، و"الإيمان بضع وسبعون شعبة00"، "الدين النصيحة000"، ونحوها، أو وضع له مؤلف كتاب الأطراف عنواناً مثل: "حديث جبريل" و"حديث النغير" ونحوهما.
وكتب الأطراف هي نوع من الصنفات الحديثية، التي يجمع فيها مؤلفوها أحاديث كتاب، أو كتابين، أو أكثر، مقتصرين على ذكر الطرف منها الدال على بقيتها، مرتبين إياها على أسماء الصحابة، أو التابعين، مع ذكر جميع أسانيد كلّ حديث موجود في تلك الكتب عند ذكر الطرف منه، وهم إما يذكرون جميع رجال أسانيدها كما في تحفة الأشراف، أو بعض رجالها كما في ذخائر المواريث.
قال الكتاني (ت 1345هـ) في الرسلة المستطرفة: كتب الأطراف هي التي يقتصر فيها على ذكر طرف الحديث الدال على بقيته مع الجمع لأسانيده،إما على سبيل الاستيعاب أو على جهة التقيد بكتب مخصوصة.[9]
ومن تعريف كتب الأطراف السابق نعرف أنها صنفان، وهما: الأول كتب الأطراف الخاصّة بكتاب واحد، والثاني كتب الأطراف الشاكلة لعدّة كتب.[10]
وأما ترتيبها، فالغالب أن مؤلفيها رتّبوها على مسانيد الصحابة مرتّبين أسماءهم على حروف المعجم أي يبدءون بأحاديث الصحابي الذي اسمه "ألف" ثم "باء" وهكذا وربما رتّبها بعضهم على الحروف بالنسبة لأوّل المتن، كما فعل أبو الفضل بن طاهر في كتاب"أطراف الغرائب والأفراد" للدارقطني، فقد رتّبه على حروف المعجم بالنسبة لأوائل المتون.
كتب الأطراف مثل كتب المسانيد بمعنى هم يرتبون مادّة الكتاب على الصحابة. رغم أن ذلك، هناك عدّة فروق بين كتب الأطراف والمسانيد، منها:
-      يختلف أهلالأطراف عن أهل المسانيد في ترتيب الأسانيد، حيث يتم ترتيبها على حروف المعجم بالنسبة للصّحابي، ثم لتلاميذه ولتلاميذ التلاميذ، وتلاميذهم المكثرين بينما في المسانيد على ترتيب الصحابة فقط.
-      يختلف أهلالأطراف عن أهل المسانيد في ذكر المتون حيث يذكر  المتن كاملا عند أصحاب المسانيد بينما يقتصر على طرف منه في كتب الأطرافإذا كان المتن طويلاً، وأما إذا كان من قصار المتون بحيث لا يزيد عن سطر واحد،أو جملة واحدة فيذكره أهلالأطراف كاملاً مثل أصحاب المسانيد.
-      وهدف أهلالأطرافهو استيعاب طرق وأسانيد حديث الصحابي الوارد في كتاب أو كتب معينة، مرتّبة حسب أهلية الكتب؛ الستة ثم الخمسة، وهكذا. أما هدف أهل المسانيد فهو جمع أحاديث الصحابي دون النظر إلى متونها أو أسانيدها وإنما  هو مجرد الجمع محاولة لاستيعاب أحاديث ذلك الصحابة.[11]
كتب الأطرافلها فوائد متعدّدة؛حيث تيسرت معرفة طرق الحديث والبحث عن أسانيده في الكتب المتعدّدة، ومن فوائدها:
‌أ.       تحديد موطن الحديث وتخريجه بالكتاب وأحيانا بالكتاب والباب في كتب السنة.
‌ب. ومعرفة  السند العالي والنازل في أسانيد الأحاديث.
‌ج.  تحديد الحديث: المتصل من المرسل، والمنقطع من المتصل والانقطاع في الإسناد والترجيح بينها عند الاختلاف.
‌د.     ترجيح بعض الروايات على غيرها عند التعارض في بعض ألفاظ متن الحديث.
‌ه.   معرفة نوع الحديث المحفوظ المجمع عليه من الشاذ.
‌و.     تحديد الراوي المهمل في بعض طرق الحديث لرفع الجهالة عنه وذلك كسفيان مثلا هل هو الثوري أم ابن عيينة.
‌ز.     تحديد الراوي المبهم في الإسنادأوالمتن وذلك بأن يروي عن راو لايوضّح اسمه كـ - عن رجل أو عن امراة، فتأتي في الطريق الآخر محدّدًا اسم هذا الراوي أو موضّحا اسم هذه المرأة.
‌ح.  احتصار الوقت على الباحث عن الحديث.[12]
ومن أشهر كتب الأطراف:
‌أ.       أطراف الصحيحين: لأبي مسعود الدمشقي إبراهيم بن محمد بن عبيد (ت401هـ).
‌ب. أطراف الصحيحين: لأبي محمد الواسطي خلف بن محمد بن علي (ت401هـ).
‌ج.  أطراف الكتب السنة: لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي (ت507هـ). جمع فيه أطراف البخاري، ومسلم، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
‌د.     الإشراف على معرفة الأطراف: لأبي القاسم علي بن الحسن، المعروف بابن عساكر الدمشقي (ت571هـ)، جمع فيه أطراف السنن الأربعة: أبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه.
‌ه.   تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: لأبي الحجاج المزي، جمال الدين يوسف بن عبد الرحمن الدمشقي (ت742هـ).
‌و.     أطراف صحيح ابن حبان: لأبي الفضل العراقي عبد الرحيم بن الحسين (ت806هـ).
‌ز.     إتحاف المَهَرة الخِيَرة بأطراف المسانيد العشرة: لأبي العباس البوصيري أحمد بن محمد بن إسماعيل (ت840هـ)، جمع فيه أطراف مسانيد: أبي داود الطيالسي، والحميدي، وسمدد، ومحمد بن يحيى العدني، وإسحاق بن راهويه، وأبي بكر ابن أبي شيبة، وأحمد بن منيع، وعبد بن حميد، والحارث بن محمد بن أبي أسامة، وأبي يعلي الموصلي، وهو مخطوط.
‌ح.  إتحاف المهرة بأطراف العشرة: لابن حجر، أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني (ت852هـ)، إنه فهرس على الأطراف لكل ما في عشرة كتب من الأحاديث وأسانيدها، على طريقة المزي في تحفة الأشراف.
‌ط.  أطراف المسند المعتلي بأطراف المسند الحنبلي: لابن حجر (ت852هـ)، جمع فيه أطراف مسند أحمد بن حنبل، أفرده من كتاب السابق "إتحاف المهرة بأطراف العشرة.
‌ي.  ذخائر المواريث في الدلالة على مواضع الحديث: للنابلسي عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني الدمشقي (ت1143هـ)، إنه اختصار لكتاب "تحفة الأشراف" للمزي، ولكن جمع فيه أطراف الكتب الستة وموطأ مالك فقط دون ملحقاتها.


[1]د. توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج، ص 46
[2]في اللغة: مأخوذ من "سَنَد". قال ابن فارس "السين والنون والدال أصل واحد، يدل على انضمام الشئ إلى الشئ. وقال الزبيدي: "المسند معتمد الإنسان".
[3]والمسانيد بهذا المعنى ليست من كتب هذه الطريقة.
[4]محمد بن جعفر الكتاني (ت 1345هـ)، الرسالة المستطرفة، (بيروت: دار البشائر الإسلامية، ط. 5، 1414هـ-1994م)، ص 74.
[5]د. توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج، ص 47.
[6]د. أبو محمد عبد المهدي بن عبد القادر بن عبد الهادي، طرق تخريج حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ص 137-138.
[7]محمود أحمد الطحان، أصول التخريج ودراسة الأسانيد الأسانيد، ص 45.
[8]د. توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج، ص 65.
[9]محمد بن جعفر الكتاني (ت 1345هـ)،الرسالة المستطرفة، ص 125.
[10]د. أحمد بن عايش بن عبد اللطيف البدر، مبادئ التخريج ودراسة الأسانيد، ص 140.
[11]د. أحمد بن عايش بن عبد اللطيف البدر، مبادئ التخريج ودراسة الأسانيد، ص 140-141.
[12]د. توفيق أحمد سالمان، نظرات في علم التخريج، ص 66 . وانظر: مبادئ التخريج ودراسة الأسانيد، ص 143-144.

2 comments:

  1. السلام عليكم ورحمه الله وبركاته،
    انا زرت مدونتكم، فرحت كثيرا ووجدت موادا كثيرة عليه، بارك الله فيكم، يمكنكم الاتصال بي عبر صفحتى انا.

    ReplyDelete
  2. الحديث

    (طاعة النساء ندامة)

    ReplyDelete